الحمدُ لله، أنار بنورِ هدايته قلوب أهل السعادة، فهي لربها طائعة منقادة، أحمده سبحانه وأشكره وقد تأذن للشاكرين بالزيادة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة الحقِّ والتوحيد واليقين [أعظم] من شهادة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله ذو الشرف الأسنى والكمال والسيادة، صلى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، والتقرّبُ إليه بحبّهم عقيدة وعبادة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها المسلمون، إن هذه الاعتداءَات الآثمة والأفعال الطائشة والتصرّفاتِ الإجرامية لن تثني إخواننا رجالَ الأمن عن مواصلة استبسالهم في أداء واجبهم ومواقفهم البطولية المشهودة، في إخلاصٍ وتفانٍ وإتقان وكفاءةٍ؛ لأنهم مطمئنون أنهم على الحقّ والهدى بإذن الله. بأعمالهم ويقظتهم تبقي هذه البلاد عزيزةً محفوظة رافعةً لمنار الدين وراعية الإسلام بتوفيق الله وفضله ومنِّه.
إنهم مصدر الفخر والاعتزاز، بل هم بإذن الله صمّام الأمان في حماية دار الإسلام، بلاد الحرمين الشريفين ومهد مقدّسات المسلمين. إنهم بفضله وتوفيقه حماةُ الدين وحماة مهبط الوحي، وسيظلون تاج الرؤوس ومصدرَ طمأنينة النفوس.
أيها المسلمون، إن مسؤولية مواجهة هؤلاء الضالين ليست على رجال الأمن وحدهم، ولكنها مسؤولية الجميع، كلٌّ حسب موقعه.
إن الإحساسَ بالخطر على الدين والأهل والديار والفرقة والفوضى هو الأمر الذي يجب أن يستشعره الجميع؛ ليكونوا أكثر يقظةً وحذرًا ونباهةً، ولتكون التصرّفات أكثر وعيًا وحِكمة لما يُحاك ضدّ هذه الأمة ودينها وأهلها وأمنها وولاة الأمر فيها.
وبعد، فعلى الرغم ممّا ينبغي من يقظة وحذر فليهنأ المسلمون في هذه البلاد ـ مواطنين ومقيمين ـ بدينهم وأمنهم، ولتهنأ الدولة حفظها الله برجالها الفضلاء وجنودها البواسل المخلصين، ولتطمئن الأمة بإذن الله إلى وعي ولاة الأمور ويعظتهم في مواقف لا يُقبَل فيها إلا القوّة الحزم. فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله على نعمِه التي لا تُحصَى؛ جمع كلمتنا على الحق، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنة، جمعنا على إمام واحد ودين واحد وبلدٍ واحد، فنسأله سبحانه أن يزيدنا أمنًا واستقرارًا ونعمةً وفضلاً وصلاحًا وفلاحًا، وأن يردَّ كيدَ الحاقدين ومكر الماكرين على بلادنا وأئمتنا وولاة أمورنا وعلمائنا وأهلينا، كما نسأله سبحانه أن يمُدّ الساهرين على أمتنا وراحتنا بعونه وتوفيقه، وأن يسدِّد آراءهم وخُططهم ويبارك في أعمالهم وجهودهم ويربطَ على قلوبهم ويكشف لهم كلَّ غامض وأن ينصرهم على كلّ مفسد ومخرِّب ومحارب، إنه سميع مجيب.
ألا وصلّوا وسلّموا على نبيّ الرحمة والملحمة النبي المصطفى والرسول المجتبى، فقد أمركم بذلك المولى جلّ وعلا فقال في محكم تنزيله وهو الصادق في قيله: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الكمل، وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...